للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبدأ هذا الدور من أوائل القرن الثاني إلى آخر القرن الثالث، وكان هذا الدور عصرا مجيدا للسنة، فقد تنبه رواتها إلى وجوب تصنيفها وتدوينها، ومعنى تصنيفها ضم الأحاديث التي من نوع واحد في الموضوع بعضها إلى بعض كأحاديث الصلاة وأحاديث الصيام وما شاكل ذلك.

وجدت هذه الفكرة في جميع الأمصار الإسلامية في أوقات متقاربة حتى لم يعرف من له فضيلة السبق إلى ذلك.

ونستطيع أن نحدد هذا الدور بثلاثة أطوار:

الطور الأول:

فكان من مدوني الطور الأول من هذا الدور الإمام مالك بن أنس بالمدينة، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج بمكة.. إلى آخر من تقدموا وتقدمت طريقتهم في التدوين أيضا.

الطور الثاني:

رأت طبقة ثانية بعد هؤلاء أن يفرد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غيره، وذلك على رأس المائتين؛ فألفوا ما يعرف بالمسانيد.

والمسانيد من الكتب التي موضوعها جعل حديث كل صحابي على حدة صحيحا كان أو حسنا أو ضعيفا، وان اختلفت أنواعه، فتارة ترتب فيه أسماء الصحابة على حروف الهجاء، كما فعله غير واحد، وهذا أسهل تناولا، وتارة ترتب على أسماء القبائل؛ فيقدم بنو هاشم ثم الأقرب فالأقرب إلى رسوله الله صلى الله عليه وسلم في النسب، وتارة ترتب على السابقة في الإسلام؛ فيقدم العشرة المبشرون بالجنة، ثم أهل بدر، ثم أهل الحديبية، ثم من أسلم وهاجر بين الحديبية والفتح، ثم من أسلم يوم الفتح، ثم أصاغر الصحابة سنا، ويختتم بالنساء.

الطور الثالث:

جاء بعد هذه الطبقة، طبقة أخرى رأت ما أمامها من هذه الثروة العظيمة، ففتح أمامها باب الاختيار، وفي طليعة هذه الطبقة الإمامان الجليلان شيخا السنة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي المتوقي ٢٥٦هـ، ومسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفي سنة ٢٦١هـ؛ صنفا صحيحها بعد أن دققا في الرواية والاختيار، فكان إليهما المنتهى في ذلك.