ومما جاء في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث جبريل المشهور، لما سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان؛ فذكر الإسلام أولا، وفي لفظ بدأ بالإيمان ثم ذكر الإسلام ثم الإحسان؛ فالمقصود أنه ذكر الإيمان بما يصلح الباطن؛ لأن الباطن هو الأساس، والظاهر تبع للباطن؛ فسمى الأعمال الظاهرة إسلاما لأنها انقياد وخضوع له، والإسلام هو الاستسلام لله والانقياد لأمره؛ فسمى الله سبحانه وتعالى الأمور الظاهرة إسلاما لما فيها من الانقياد لله والذل والطاعة لأمره والوقوف عند حدوده عز وجل، يقال:(أسلم فلان لفلان) أي: ذل له وانقاد، ومعنى (أسلمت لله) أي: ذللت وانقدت لأمره خاضعا له سبحانه وتعالى.
فالإسلام هو الاستسلام لله بالأعمال الظاهرة، والإيمان هو التصديق بالأمور الباطنة، وهذا كله عند الاقتران، ولهذا لما قرن بينهما في هذا الحديث الصحيح فسّر رسول الله عليه الصلاة والسلام الإسلام بالأمور الظاهرة؛ وهي الشهادتان والصلاة والزكاة والصيام والحج، والإيمان بالأمور الباطنة؛ وهي الإيمان بالله وملائكته. الخ.
ومن هذا الباب ما جاء في الحديث الصحيح، قيل: يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال:"أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"، وفي حديث آخر قال:"من سلم المسلمون من لسانه ويده".