فالإيمان بما ذكر أمر لابد منه، ومن لم يؤمن بذلك فإنه كافر بالله عز وجل وإن أظهر إسلاما وإيمانا، ولكنه بكفره بواحد من الأصول الستة، أو كفره بشيء آخر مما علم من الدين أنه من دين الله بالأدلة المعروفة فانه يكون كافرا بالله، ولا ينفعه بعد ذلك ما أقر به؛ فان هذا الدين لابد أن يقبل كله، ولابد أن يحصل به الإيمان كله، فإذا آمن بالبعض وكفر بالبعض فهو كافر حقا، وبهذا يعلم المؤمن عظم شأن هذه الأصول وأنها أصول عظيمة لابد منها، فيدخل في الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به عن نفسه من أسمائه وصفاته، أو أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام من أسماء الله وصفاته كله داخل في الإيمان بالله؛ فيدخل في ذلك الإيمان بأنه رب العالمين، وأنه الخلاق الرزاق وأنه كامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ويدخل فيه أنه سبحانه وتعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب وقدر الأشياء وعلم بها قبل وجودها سبحانه وتعالى، وأنه على كل شيء قدير وبكل شئ عليم، ومن أجمع ما ورد في ذلك من الكتاب العزيز قوله سبحانه:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} ، وقوله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ، وقوله عز وجل:{فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}
وقوله عز وجل:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} ، إلى أشباه هذه الآيات الدالة على كماله سبحانه، وأنه جلّ وعلا موصوف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب، فهو كما أخبر عنه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام له الأسماء الحسنى وله الصفات العلا.