ثم أشار الله - جل في علاه - إلى أولى نشأة الإنسان الضعيفة، ثم إلى قوته، ثم إلى ضعفه فقال سبحانه:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} - الروم -.
كما يشير سبحانه إلى أنه هو المصور للإنسان في رحم أمه؛ فيقول:
{إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} - آل عمران -.
ومن ثم نجد أن الإنسان عاجز عن أن يخلق نفسه ...
إذ هل يستطيع أن يخلق النطفة التي كان منها؟ ...
أو يحولها علقة؟ أو يحول العلقة إلى مضغة؟ أو يحول المضغة عظاما؟ أو يكسو العظام لحما؟
أو هل يستطيع أن يصور خلقه في رحم أمه؟
أو هل يستطيع أن ينفخ الروح في نفسه؟
أو هل يستطيع أن يشغل قلبه بهذا النظام الدقيق على مدى حياته سنين عددا لا يتوقف فيها لحظة؟
أو هل يستطيع أن يشغل بداخله المعدة والأمعاء والكبد والبكنرياس، ويمد كلا منها بالعصارة اللازمة له؟
أو هل يستطيع أن يمد عينيه ببصرهما؟ أو أذنيه بسمعهما؟ أو عقله بإدراكه؟
أو هل يستطيع أن يسخر الهواء ليدخله من أنفه إلى جهازه التنفسي؛ فيأخذ منه حاجته من الأكسجين اللازمة لحياته؟
هل يستطيع أن يفعل شيئا من ذلك أو ما شاكله مهما أوتي من علوم وخبرات وأدوات؟
إنه لن يستطيع ذلك، ولن يجد إليه سبيلا حتى يلج الجمل في سم الخياط.
ثم إني لمسائل أولئك الجاحدين الأسئلة الآتية: