للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩- ومن رفع السماء بغير عمد تراها، وزينها بمصابيح فما اختلت وما تصدعت وما هبطت وما اقتربت من الأرض، وما يلمح فيها من فروج بحيث تحتاج إلى ترميم أو إصلاح؟ مع أن أي بناء يبنيه الإنسان سرعان ما يتصدع وينهار بمرور الزمن عليه، ولا يبقى على حاله سليما كما بناه الإنسان؟

١٠- ومن سطّح الأرض وفرشها فكانت مهادا، وألقى فيها الجبال الرواسي الشامخات، لم تَمِدْ بنا ولم تنقلب رأسا على عقب، ولم ينسكب ما بها من مياه المحيطات والبحار والأصهار؟ بل ولم يمتزج الماء الملح الأجاج بالماء العذب الزلال عند التقائهما؟

١١- ومن أبدع هذا الكون في مختلف مخلوقاته، وأحكمه على هذا النسق الرائع؟ بحيث يسير على سنن منتظمة لا تختلف ولا تتبدل ولا تضطرب لحظة واحدة منذ بدء الخليقة حتى هذه اللحظات التي نشاهد فيها هذا الإبداع والإحكام؟

لو سألنا أولئك المنكرين كل هذه لأفحموا وما اهتدوا إلى جوانب إلا أن يخروا راغمين معترفين بعجزهم، وبأن الخالق المبدع هو ربنا الحكيم الخبير {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} - طه-

ثم لعل بعض أولئك المتنطعين يقول: إن الإنسان قد صنع الصاروخ، وصنع الأقمار الصناعية، وفجر الذرة؛ ويعتبرون هذا خلقا من الإنسان لهذه الأشياء، ويقولون في تعبيراتهم: "الإنسان الخلاّق، والشعب الخلاّق".

وقد كذب هؤلاء المخدوعون الضالون بجهلهم المطبق، ودحروا؛ ذلك بأن الخلق هو أن يوجد المخلوق من العدم، وهذا ما يعجز عنه أي مخلوق.

أما الصناعة فتكون تركيبا لمواد موجودة قد سبق خلقها، وهذا مما يقوى عليه المخلوق.

لذلك أثبت الخلاق العظيم عجز الخلق جميعا عن أن يخلقوا شيئا؛ فقال: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} - لقمان -.