وهذا بلا شك فيه خطر عظيم، واعتراض على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه قد أكمل لعباد الدين وأتم عليهم النعمة، والرسول- صلى الله عليه وسلم- قد بلغ البلاغ المبين ولم يترك طريقا يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة، كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم.."، رواه مسلم في صحيحه، ومعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وخاتمهم وأكملهم بلاغا ونصحا؛ فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله سبحانه لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم- للأمة أو فعله في حياته أو فعله أصحابه في رضي الله عنهم، فلما لم يقع شئ من ذلك علم أنه ليس من الإسلام في شئ، بل هو من المحدثات في الدين التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته، كما تقدم ذكر ذلك في الحديثين السابقين.
وقد جاء في معناهما أحاديث أخر، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة:"أما بعد.. فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتهما، وكل بدعة ضلالة.."رواه مسلم في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة..
وقد صرح جماعة من العلماء بإنكار الموالد والتحذير منها بالأدلة المذكورة وغيرها، وخالف بعض المتأخرين فأجازها إذا لم تشتمل على شئ من المنكرات كالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاختلاط النساء بالرجال، واستعمال آلات الملاهي.. وغير ذلك مما ينكره الشرع المطهر. وظنوا أنها من البدع الحسنة.