وقوله:{مَوْزُونٍ}(وزن ميزان الحكمة، وقدر بمقدار يقتضيه لا يصلح فيه زيادة ولا نقصان)[٥١] ؛ ولذلك اتبعه بقوله:{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} ؛ لأن ذلك يحسب بحسب الانتفاع بعينه.
وقال الراغب الأصفهاني: (وقيل: بل ذلك إشارة إلى كل ما أوجده الله تعالى، وأنه خلقه باعتدال، كما قال:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[٥٢] .
والحقيقة هي أننا نجد قرينة دالة على معنى التقدير بمقدار معلوم في كلمة {مَوْزُونٍ} ، هذه القرينة نفهمها من سياق الآيات الكريمة بعد ذلك، وهي قوله:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}[٥٣] ؛ فالآية ظاهرة الدلالة على أن ما يتفضل الله به إنما هو وليد الحكمة في الخلق والتقدير والاتزان؛ فليس من شئ ينزل جزافا، وليس من شئ يتم اعتباطا.