للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الإنسان إذا أراد أن يزرع أرضاً خصبة التربة اختار لها البذر الصالح المجرّب، ليجني ثماراً طيبة، ويحصد محصولاً وفيراً، والأمر هنا أعظم خطباً لأنه دين، وذاك دنيا، وأجود الأذكار أسلمها عاقبة وأكثرها ثواباً وأجودها نبتاً وثماراً وأرضاها لله رب العالمين هي تلك التي تحمل خاتم النبوة، ولو أن إنساناً ذكر الله بالليل والنهار، وعلى كل حال، وبكل لسان شتى ذبلت شفتاه، وعمشت من كثرة البكاء عيناه ولكنه على غير ما شرع الله لرسوله من سنن الهدى – لم يزدد من الله إلا بعداً ومن الشيطان إلا قرباً. ولو أن مؤمناً ترك المأثور من الأذكار النبوية، وأخذ بالمبتدع من الأوراد الصوفية ظناً منه أن هذه هي التي تفتح له أبواب الرزق وأبواب الجنان – لو أن مؤمناً فعل هذا لخرج من الإيمان والإسلام كما تخرج الشعرة من العجين، والجرّ على نفسه خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وإن مشى على الماء، وطار في الهواء. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [١] وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [٢] وقال عليه الصلاة والسلام:"من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ " [٣] .

فضل الذكر:

قال عليه الصلاة والسلام:" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت " [٤] وقال صلى الله عليه وسلم:"مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت" [٥] وفيهما حث على ذكر الله عز وجل لأنه يكسب الحياة ذاتيتها وأصالتها، ويجعلها شيئاً ذا قيمة عظيمة ويخرج بالإنسان من عالم الأحياء، فكم من حي لا يذكر الله هو من الأموات، وكم من ميت كان لله ذاكراً هو من الأحياء.