وفيه تنفير شديد عن ترك ذكر الله في المجالس فأي مجلس لا يذكر الله فيه ينبغي للمسلم ألا يقعد فيه ولا يخالط أهله بل ينبغي أن يفر منه كما يفر من جيفة الحمار. فحري بنا أن تكون مجالسنا عامرة بذكر الله تعالى ومدارسة العلم والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فذلك أليق بنا وأرجى لنا.
وقراءة القرآن ومدارسته وتفسير آياته ومعرفة أحكامه من أعظم الذكر وأبركه وخاصة إذا كان ذلك في جماعة لأنهم يعين بعضهم بعضاً ويشجعه، وينتفع بعضهم من بعض ويسدد، من هنا جاء الترغيب في ذلك فقال عليه الصلاة والسلام:"ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده"[١٩] .
وما يفعله أهل التصوف في أذكارهم الجماعية من ضرب على الدفوف وعزف بالمزامير ليس بذكر ولا هو بقربة لأن القُربَ لا تعرف إلا عن طريق الشرع، وليس في الشرع أمر بهذا ولا استحسان [٢٠] .
وزبدة الذكر مخافة الله واستشعار قربه ومراقبة جلاله لتزكوا نفس المؤمن وتسمو روحه، ويطهر قلبه، وتقسيم على نهج الشريعة أقدامه فيدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قال عليه الصلاة والسلام:" أمرني ربي بتسع: خشية الله في السر والعلانية، وكلمة العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى وأن أصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأعفو عمن ظلمني وأن يكون صمتي فكراً، ونطقي ذكراً، ونظري عبرة ".. يقول عليه الصلاة والسلام بعد ذكر هذه الأوصاف: