للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنّ الله عز وجل عندما أراد أن يزيل خلقا من أخلاق الجاهلية, لا يرضاه الإسلام, خلقا راسخا في النفوس, متمكِّناً منها, لا تتصور خلافه, ولا تقدر على تركه, قد سار عليه آباؤها, ومضى الأولون على تقريره والعمل به, وعندما أراد أن يرفع ذلك, جعل رسوله يفعل كفعلهم, فيتبنى زيدا, ويدعى زيد بن محمد, فينزل الله سبحانه آيات تبطل هذا التبني, وأنه كلام لا حقيقة له, فيقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ, ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} (٤ - ٥ الأحزاب) .

ولا يقف الأبطال عند هذا, بل يجعل الله - عزّ ثناؤه - رسوله يخالف هذه العادة من قواعدها وأسسها, فيزوِّجُه مطلقة من كان متبنيا له, وكانت العرب لا تجيز ذلك بناء على قواعد البنوة والأبوة المزعومتين, ويقول الله - جل وعز -: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} (٣٧- الأحزاب) .