قال السبكي [٤٢] :"وأما المعرفة- معرفة السنن والآثار- فلا يستغني عنه فقيه شافعي، وسمعت الشيخ الإمام رحمه الله يقول: مراده معرفة الشافعي بالسنن والآثار ". هـ.
والحق أنه لا غنى لفقيه شافعي وغيره عنه لما جمع فيه من أحكام يستدل عليها بما في الكتاب والسنة، ويوازن فيه بين أقوال الفقهاء ويذكر أدلتهم ويبين الصحيح منها والضعيف.
فهو بدون ريب من موسوعات كتب الفقه المقارن قل أن تجد مثله وقد ضمنه الرد على أبي جعفر أحمد بن سلامه الطحاوي الحنفي الذي شن [٤٣] الغارة على الشافعي وأصحابه.
ويأتي ضمن البحوث تعريف كامل بكتاب (معرفة السنن والآثار) نشير فيه إلى نسخه ومواضعها.
وقد خرج فيه مؤلفه ما احتج به الشافعي من الأحاديث في الأصول والفروع بأسانيدها التي رواها بها مع ما رواه مستأنساً به غير معتمد عليه أو حكاه لغيره مجيباً عنه.
وقد تكلم البيهقي على تلك الأحاديث والأخبار بالجرح والتعديل والتصحيح والتعديل وأضاف إلى بعض ما أجمله الشافعي ما يفسره من كلام غيره وإلى بعض ما رواه ما يقويه من رواية غيره.
وبين فيه أن الشافعي لم يصدر باباً برواية مجهولة ولم يبن حكماً على حديث معلول وأنه قد يورده في الباب على رسم أول الحديث بإيراد ما عندهم من الأسانيد واعتماده على الحديث الثابت أو غيره من الحجج.
وأنه قد يئق ببعض من هو مختلف في عدالته على ما يؤدي إليه اجتهاده كما يفعل غيره.
وأنه لم يدع سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلغته وثبتت عنده حتى قادها، وهكذا نرى مقصده من تأليف (معرفة السنن) يتجلى في مقدمته الطويلة التي صدرها كتابه.