واللغة العربية من اللغات الإشتقاقية التي تصوغ للمعاني المختلفة أبنية متنوعة من المادة الواحدة وقد عني النحويون والصرفيون بهذه الأبنية ودلالاتها وتصرفاتها منذ أمد مبكر وألفوا فيها الرسائل الصغيرة والكتب الكبيرة التي تبلغ مبلغ المعاجم، وأفرد لها بعض العلماء كثيراً من الأبواب الخاصة وأحاول في هذا البحث أن ألقي نظرة سريعة على جهود اللغويين في صنف معيّن من الأفعال، وهو الفعل الذي وضعه علماء تحت قائمة الأفعال التي جاءت على صورة الفعل المبني للمجهول وأطلقوا عليه اسم (الفعل الذي لم يسم فاعله) وقد فهم بعض النحاة أن المراد من هذه التسمية هو عدم استعمالها في معانيها السالفة مبنية للمعلوم وصرّح بعضهم بذلك في كتابه الفصيح وهو أبو العباس أحمد بين يحيى ثعلب المتوفى (٢٩١هـ) فهذه الأفعال حرمت البناء للمعلوم كما يقول البعض وها أنا ذا أحاول وضع هذه الأفعال تحت بساط البحث لنرى هل كان وضعها تحت هذا العنوان مفضياً لهذا الفهم أو يصح أن تكون مبنية للمعلوم تارة وتارة أخرى تكون مبنية للمجهول... وهي الصورة المسموعة عن أكثر قبائل العرب. سأحاول الرجوع إلى أمهات كتب اللغة بكل فعل من هذه الأفعال لأعالج ما يصادفه الباحث من عناء في فهم المراد من هذه الأفعال والآثار التي تترتب على هذا الفهم، والله أسأل أن يسدد خطانا لمعرفة أسرار اللغة العربية التي هي وعاء للقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.