هكذا نتبين من هذا الإستعراض السريع لنصوص أهل العلم ومواقفهم في مختلف العصور، تلك النصوص التي لم نستوعب حتى ثلامَّها؛ نتبين أن الأمة مازالت، ولن تزال متفقة على أن السنة النبوية يجب أن تكون لها مقام معلوم في بيان الأحكام، وأنها حجة قائمة بنفسها، وأنه يجب الرجوع إليها، إذا ثبتت، ولا يجوز الحكم بالاجتهاد والرأي مع ثبوتها، وأنه قد ثبتت بها الأحكام، لولم يرد بها الكتاب، هذه من ناحية، ومن ناحية أخرى، أنها بيان للقرآن، وتفسير له، ومفصّلة ما أجمل فيه، وهذه المعاني كلها محل إجماع عند من يعتد بأقوالهم، ولا نعلم أحداً خالف هذه القاعدة إلا الزنادقة وغلاة الرافضة الذين لا يتأثر الإجماع بمخالفتهم، بل لا يستشارون إن حضروا، ولا يُسأل عنهم إذا غابوا، لأنهم فارقوا جماعة المسلمين ونابذوهم، واتبعوا غير سبيل المؤمنين، بمواقفهم العدائية لأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ذلك الموقف الذي أدى إلى رد أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام - المصدر الثاني للتشريع الإسلامي- بدعوى أنها رواية قوم كافرين؛ ومن باب ذر الرماد في العيون- عيون السذّج طبعاً- قالوا: نحن نعمل بالقرآن، ونقتصر عليه، وهذا كلام لا ينطلي على أولى النُهى من طلاب العلم، وأهل الإيمان، والله الموفق.
لابد من الرجوع إلى السنة لفهم عديد من الأحكام
إن الدارس لكتاب الله والسنة النبوية، ولا سيما آيات الأحكام، وأحاديث الأحكام، ليدرك تمام الإدراك أن للسنة دوراً هاماً، لا يستهان به في بيان الأحكام المجملة في القرآن الكريم، وهي التي تقيد المطلق، وتخصص العام، وتبين الناسخ والمنسوخ.
الأمثلة
إذا أردنا أن نسوق أمثلة للأحكام التي أجملت في القرآن، وبينتها السنة وفصلتها، وأمثلة أخرى للأحكام التي انفردت بها السنة ولا وجود لها في القرآن، لوجدنا الشيء الكثير في مختلف أبواب العبادات والمعاملات والحدود وغيرها.