وقد سبق أن ذكرنا الطبيعة الإنسانية في آراء الفلاسفة والإسلام وقد ذكرنا أن الإسلام يرى في الإنسان طاقات ضخمة يمكن توجيهها إلى الخير إذا وجهت توجيهاً صحيحاً وإلى الشر أو لم يحسن استخدامها فالإسلام يرى أن الدوافع والغرائز والميول يمكن أن توجه إلى الخير لتسمو بالإنسان وترقى به وتخلصه من الخلود إلى الأرض والركون إلى الشهوات وطاعة الشيطان وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:"إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان ثم قرأ {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} ".
والإسلام يقرر أن الإنسان كثيراً ما ينحرف عن فطرته ولكن التربية هي الوسيلة لإرجاع الإنسان إلى فطرته وتوافقه معها وإرسال الله الرسل للناس مع إشهاده لهم على أنفسهم إنما هي الوسيلة لهداية الإنسان إلى فطرته وتوجيهه إليها ومع أن القرآن يذكر أن الله ألهم النفس تقواها وفجورها وأن الإنسان قد يفلح بتزكيتها ويخيب بدسها فإن سيدنا إبراهيم يدعو الله قائلاً:{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[٤٥] .