للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأى ابن تيمية هذا الكفر البواح ودعوى الألوهية والتفكير الفلسفي الوثني الذي ما كان خطر ببال أحد من المشركين والوثنيين الجاهليين في الجاهلية الأولى بل كانوا مع عبادتهم لغير الله تعالى يؤمنون بأن الله رب السماوات والأرض وأنه هو الرزاق الخالق فهذا زهير بن أبي سلمى الشاعر الجاهلي يقول:

فلا تكتمن الله ما في نفوسكم

ليخفى ومهما يكتم يعلم

يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر

ليوم الحساب أو يعجل فينقم

وهو القائل:

وأعلم علم اليوم والأمس قبله

ولكنني عن علم ما في غد عم

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب

تمته ومن تخطي يعمر فيهرم

فأين هذا القول من قول ابن عربي وابن الفارض وغيره من الملاحدة في ذلك العصر. رأى بن تيمية هذا الانحطاط في الفكر حيث أخذ يسري في الأمة وأصبح يشار إلى هؤلاء بالبنان تارة التصوف والزهد وتارة باسم الكرامة والولاية. فثار ثورته وانقض عليهم كالأسد يردُّ على أقولهم الباطلة وأخذ يردها إلى أصولها الوثنية القديمة ويشهرها في الناس حتى يكونوا على بينة من أمرهم. والواقع لم يكن ابن تيمية وحده الذي كفَّر ابن عربي وغيره من هؤلاء بل هناك من كبار علماء من أهل السنة وغيرهم من كفر ابن عربي وألفوا فيه الرسائل العديدة أو ذكروه في تراجم كتبهم مثل الحافظ بن حجر العسقلاني في لسان الميزان وأبي حيان المفسر في تفسيريه ((البحر والنهر)) قال شيخ الإسلام بن دقيق العيد: "لي أربعون سنة ما تكلمت كلمة إلا وأعددت لها جوابا بين يدي الله تعالى، وقد سألت شيخنا سلطان العلماء عبد العزيز بن عبد السلام عن ابن عربي فقال: "شيخ السوء كذاب يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا". وقد بالغ ابن المقري فحكم بكفر من شك في كفر طائفة ابن عربي. فهؤلاء أئمة الصوفية الحلولية وَجَدَ ابن تيمية أقوالهم منتشرة في العامة والخاصة إلا من عصم الله وقليل ما هم.

مناظراته ودفاعه عن العقيدة: