للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إذا أخلد الإنسان إلى الأرض واتبع هواه، ونسي ربه الذي سواه، وأصبح فكره حبيس نفس غرور، ولم يخطر بباله ذلك الطين الذي خلق منه، حتى ولو ادعى بأن له دينا، فيمسي على الفور عنصر عصيا ومفرقا غويا، فيبدأ بتمييز ذاته عن ذوات الغير، فإذا انتقل داخل وطنه ميز مسقط رأسه، فإذا تنقل خارج وطنه ميز وطنه، فإذا انتقل خارج قارته ميز قارته، ثم لا ينسى أن يميز نفسه بلونه ولنا في هذا التفصيل يأتي عند الحديث عن المواد المتصلة بذلك.. بل بلغ الأمر إلى العيب على ما يرتديه الغير من زي لأنه ليس كما يلبس هو وقومه، بل وعلى نوع الطعام لأند مخالف لطريقة ما يطهى عندهم ويطعم، بل وعلى اللهجات يسخر منها حيث لم تكن كما ينطق هو ويتكلم، وهكذا أصبح يعيش في نفس غيابة نسيت عيبها، فقد نسيت خالقها وما منه صنعت، لأن عنصريته التي قام عليها كيانه لم تفهم صيحة القرآن في الناس {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} .