للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد انتفع داود بالدرس التدريبي العظيم هذا، فاستحق لما علم منه ربه ذلك بأن يجعله الخليفة العادل في الأرض، والقاضي المتحق الذي لا سبيل معه لميل الهوى {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأََرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} .

وانظر إلى نهاية الآية المنذرة بالعذاب الشديد، لمن يميل مع الهوى ويضل بتضيع الحقوق، عندما يحكم أمة أو يفصل في قضية، فويل له من ناس ليوم الحساب، عندما يكون يومها حسابا عسيرا كأعسر ما يكون الحساب، ذلك أنه أؤتمن على شيء هو من أعظم الحرمات عند الله، وما كانت كذلك - وهو أعلم - إلا لأنها خير ما يتم به الهدوء النفسي والأمان الإنساني، فإن لم يحاسب الحاكم أو القاضي نفسه ليوزع الحساب بين من لجأوا إليه أو ألوا إليه بدقة، اعتبرته الآية ضالا غاويا له العقاب الخاص بالضالين.

وبعد انتهائي من عرض العجائب الحقوقية لهذه الآية، وإنذارها من يحيد عن هذه الحقوق بلفتة بصر أن ينال جزاءه، بالشدة التي ذكرتها كلماتها الرهيبة، أكان يجوز للإنسان أن يجد لنفسه أقوى وأحكم مما جعله الله، حقا إن الإنسان لربه لكنود.