للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنا أميل إلى قول الكرماني: لأن مشروعية غسل الجمعة قد ثبتت بالأحاديث الكثيرة التي خصت الغسل بمن يحضر الجمعة..

أما حديث أبي هريرة هذا فهو من باب التشريع العام للمسلمين بضرورة مراعاة النظافة لأجسادهم بالاغتسال مرة كل أسبوع، ويعتبر هذا هو الحد الأدنى لكل مسلم لا يشرع في حقه أي اغتسال آخر.

وما جاء في بعض الروايات بتقييده بيوم الجمعة: فهو باعتباره عيد المسلمين الأسبوعي، وللمشاركة في الاغتسال مع المجامَعين في هذا اليوم.. كما أن هذا القول هو الأنسب لاعتبار غسل الجمعة من بين خصال الفطرة: لأن الملاحظ هو عمومية هذه الخصال ومشروعيتها لكل الناس وعدم تقيدها ببعض العبادات.. والقاسم المشترك بينها جميعا: أمران: النظافة والزينة.

حكم الاغتسال يوم الجمعة:

ذهب أهل الظاهر ورواية عن أحمد بن حنبل إلى أن غسل الجمعة واجب.. وقد حكي هذا القول: عن عمر وأبي هريرة وابن عباس وأبى سعيد الخدري وسعد بن أبى وقاص، وعبد الله بن مسعود وعمر بن سليم وعطاء وكعب والمسيب بن رافع [٧] وقد استدل الظاهرية ومن معهم على الوجوب بعدد من الأدلة: من بينها ما يلي:

أ- حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "من جاء إلى الجمعة فليغتسل" وقد تقدم.

ب- حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه: "الغسل واجب على كل مسلم محتلم.." [٨] .

ج- ما جاء في قصة عمر مع عثمان رضي الله عنهما وقد جاء فيها قول عمر لعثمان: "وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل ... " [٩] .

وهناك أدلة أخرى لكنها لا تخرج في جملتها عن مضمون الأدلة السابقة..

وجه الدلالة: التصريح بالوجوب ثم طلبه بصيغة الأمر المقتضية للوجوب عند الإطلاق؛ يفيد أن غسل الجمعة واجب.

وذهب جمهور أهل العلم: إلى أن غسل الجمعة سنة، بأنه مستحب والمعنى متقارب.. وقد استدل لهذا الرأي بعدد من الأدلة من أهمها ما يلي: