وإما على الإنكار والاستهجان والاستغراب كما في قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} الآية (٦٠- النساء) والحال في كلا الأمرين ببعث على التنبيه بمعنى التأمل والتبصر والاعتبار وهو ما دعا إليه القران الكريم في كثير من آياته.
أختي العزيزة (هل) :
والآن - قد انتهيت من الكتابة إليك بالمعاني التي جئت عليها في هذه الآية الكريمة - أريد أن أحدثك بالكلمات التي تليني في هذه الآية.
لقد دخلت على (لم) النافية الجازمة للفعل المضارع (تر) وعلامة جزم هذا الفعل حذف الألف من آخره ولعلك لم تسمعي من قبل أن هذا الفعل قد قرئ بسكون الراء على توهم أن الراء آخر الكلمة أو على إجراء الوصل مجرى الوقف (١٥) . و (تر) فعل مضارع مسند إلى ضمير المخاطب، ولكن من يكون هذا المخاطب؟
من المفسرين من يقول إنه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يجوز أن يكون الخطاب له عليه الصلاة والسلام ولكل أحد، ويقول التفتازاني: الأوجه عموم الخطاب للدلالة على أن هذه القصة قد بلغت من العجب حيث ينبغي لكل أحد أن يتعجب منها (١٦) .
و (تر) في هذا الاستفهام علمية تتعدى إلى مفعولين ولكنها هنا لم تأخذ مفعوليها، وعديت بحرف الجر (إلى) لأنها ضمنت معنى ما يتعدى بهذا الحرف، والمعنى ألم ينته علمك إلى الذين ... (١٧) .
ومن العلماء من يقول إن (تر) هنا- وإن كانت علمية- قد استعملت استعمال (تنظر) فتعدت تعديتها للإشارة إلى أن هذا الأمر قد بلغ من الوضوح والظهور والتحقق مبلغ الشيء
المحسوس المشاهد الذي تبصره العينان ولا يمكن إنكاره (١٨) .