وقبل ابن الحاجب بمائتي سنة تقريبا نجد ابن سيده يقرر بأن هذه الأفعال منها ما لا يستعمل إلا على تلك الصيغة كعنيت بحاجتك، ومنها ما تكون عليه هذه الصيغة أغلب كزهيت علينا، فإن ابن السكيت حكى (زهوت) وابن سيده يقرر في المخصص نفسه [٦](باب ما جاء (فعل) منه على غير أفعلت) وذلك نحو جنّ وسلّّّ، وورد، (ومعنى ورد حم) وكذلك رعد ومرعود ومورد (ومحموم بمعنى واحد، وقالوا على هذا مجنون ومسلول ومحموم ومورود، وإنما جاءت هذه الحروف على (جننت) و (سللت) وإن لم يستعمل في الكلام ثم قال: وقال بعضهم رجل محبوب وكان حقه أن يقال في فعله (حببته) فهو محبوب كما يقال: وددته فهو مودود، والمستعمل (أحببته) وقد قال بعضهم (حببته) قال الشاعر وهو غيلان ابن شجاع النهشلي [٧] :
ولا كان أدنى من عبيد ومشرق
فوالله لولا تمره ما حببته
وقد ذكر أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في الكامل [٨] أن أبا جار العطاردي قرأ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّه..} وذكر أن فيه شيئين من المخالفة:
أحدهما: أنه فتح الياء من (يحبكم) ، والآخر أنه أدغم وذكر غير سيبويه أن هذه الأشياء [٩] التي ليست من أفعال الآدميين وقد جاءت على مفعول وفعله مما لم يسم فاعله إذا نسبت الفعل إلى الله عز وجل كان على (أفعل) نحو أجنه الله وأسله وأزكم وأورده، أي فعل الله به ذلك، ومما أورده غير سيبويه من هذا النحو: محزون، ومزكوم، ومكزوز، ومقرور.
قال أبو عبيد: وإنما ذلك لأنهم يقولون في هذا كله:
قد (فعل) ثم بني مفعول على هذا، قال ولا يقولون حزنه الأمر ويقولون (يحزن) وهذا خلف من نقله وإنما أوردته للتحذير من اعتقاده، وقد قدمت من كلام سيبويه ما دل على ذلك، (وحزنه) مقولة كثيرة (أبو عبيد) وكل هذا يقال فيه: مفعول ولا يقال (مفعل) إلا حرف واحد وهو قول عنترة: