فهذا نقص عادة الاستعمال لأن فعلت فيه متعد وأفعلت غير متعد، وعلة ذلك عندي أنه جعل تعدي فعلت وجمود أفعلت كالعوض لفعلت من علية أفعلت لها على التعدي نحو جلس وأجلسته ثم يقول: ونحو من ذلك ما جاء عنهم من أفعلته فهو مفعول وذلك نحو أحببته فهو محبوب وأجنه الله فهو مجنون وأزكم فهو مزكوم، وأكزه فهو مكزوز [٣٨] ، وأقره فهو مقرور، وأرضه فهو مأروض، وأملاه فهو مملوء وأضأده فهو مضئود [٣٩] وأحمه الله فهو محموم (من الحمى) وأهمه - من الهم - فهو مهموم وأزعقته فهو مزعوق أي مذعور ... قالوا وعلة ما جاء من أفعلته فهو مفعول نحو أجنه الله فهو مجنون وبابه أنهم إنما جاءوا به على (فعل)(بضم أو كسر ثانيه) نحو جن فهو مجنون وزكم فهو مزكوم.. الخ [٤٠] .
فهذا النوع من الأفعال جاء على صورة المبني للمجهول لأن العرب خصوا المفعول بنوع من العناية حتى قوي في أنفسها وكأنهم أولا غيروا صورة الفعل وهو مسند إلى المفعول عن صورته وهو مسند إلى الفاعل والصورة والصيغة واحدة ثم ترقوا من ذلك وتدرجوا إلى أن غيروا الصيغة فضموا الأول مع نقصان العدد فقالوا أزكم (وزكم) بضم أوله وكسر ثانيه فهذا من باب التدريج في اللغة الذي عناه ابن جني بقوله [٤١] :