فمثلا (علم) فعل ثلاثي متعد، وقياس مصدر مثله أن يكون على (فعْل) فلك أن تقول في مصدره (علْم) - بفتح العين وسكون اللام- وإن كان قد سمع له آخر هو (علم) - بكسر العين وسكون اللام- ولا يهمل المسموع بل أنت بالخيار في استعمال أحدهما.
وهنا وقفة مؤيدة لما ذهب إليه الفراء لما يأتي:
١- الفراء إمام كبير له مكانته اللغوية والنحوية، يقول ثعلب - إمام الكوفة في عصره -: "لولا الفراء ما كانت عربية، لأنه خلّصها وضبطها"[٦] . وقيل فيه:"الفراء أمير المؤمنين في النحو"[٧] وقيل أيضا: "لو لم يكن لأهل بغداد من علماء العربية إلا الكسائي والفراء لكان بهما الافتخار على جميع الناس"[٨] وكذلك افتخر به أهل الكوفة [٩] ، وكذلك قيل فيه:"كان ثقة إماما"[١٠] وقال فيه الفقيه محمد بن الحسن - صاحب أبي حنيفة - بعد مناقشة علمية:"ما ظننت آدميا يلد مثلك"[١١] ، وأخيرا قال فيه أستاذه الكسائي - رأس المدرسة ومؤسسها:"الفراء أحسن عقلا، وأنفذ فكرا، وأعلم بما يخرج من رأسه"[١٢] ، وغير ذلك كثير [١٣] .
وأمام هذه العقلية التي أخذ صاحبها هذه النعوت، والتي ورثت علم الكسائي وأصبح إمام الكوفيين بعده لا ضير ولا تثريب إذا أخذ بمذهبه في قياسية مصدر الثلاثي، وبخاصة إذا كان في هذا الرأي إفادة اللغة.
٢- ما قال به الفراء مستنبط من أكثر الكلام العربي فصاحة وصحة وشيوعا، فالعمل بما استنبطه إنما هو تطبيق صحيح على ذلك الكثير المسموع، ومجاراة سليمة للشائع الوارد عن العرب، ومحاكاة سائغة لصحيح نطقهم.