ثالثا: أن الإمامين الترمذي وابن ماجه لم يقلدا الإمام أبا داود في رواية أحاديث المهدي أما ابن ماجه فإنه لا يرو عن أبي داود في سننه شيئا أصلا وأما الترمذي فمن رجاله في جامعه الإمام أبو داود كما رمز الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة أبي داود لكونه من رجال الترمذي والنسائي، والأحاديث التي أخرجها الترمذي في جامعه في باب ما جاء في المهدي ثلاثة. اثنان منها معناهما واحد ولفظهما بنحو لفظ حديث أخرجه أبو داود في سننه لكن شيوخ الترمذي فيهما غير شيوخ أبي داود فيه ولم يروهما من طريق أبي داود، أما الحديث الثالث فليس في سنن أبي داود وإذاً فلم يخرج حديث في المهدي من كتاب سنن أبي داود إلى كتابي الترمذي وابن ماجه ولم ينتقل خطأ لأبي داود إلى الترمذي وابن ماجه. ولو خرج الترمذي مثلا في جامعه عن أبي داود حديثا قد أخرجه أبو داود في سننه لم يلزم أن يكون بذلك مقلدا له آخذا الحديث على علاته فهما من أوعية العلم ونقاده ولم يلزم أن يكون خطأ انتقل من عالم إلى عالم فقد يكون ذلك الذي انتقل صوابا والتحقق في ذلك سبيله دراسة إسناده ومعرفة ما قاله النقاد فيه، ثم إن وجود الحديث في كتب متعددة من طرق مختلفة يفيد القوة ويعرف به التواتر. قال الحافظ ابن حجر في شرحه لنخبة الفكر:"ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير"انتهى.