هذا هو التحقيق المعتبر الذي توصل إليه الشيخ ابن محمود لرد هذا الحديث.. وواضح أنه لم يتطرق إلى إبداء علة في الإسناد لرده وإنما درج في رده كما درج في رد غيره من الأحاديث على النهج الذي اتبعه بعض كتاب القرن الرابع عشر وهو الاعتماد على الشبه العقلية في رد النصوص الشرعية ويجاب على هذا التحقيق الذي جزم الشيخ ابن محمود بأنه معتبر بما أرجو أن يكون تحقيقا معتبرا وذلك فيما يلي:
أولا: قوله: "إن هذا الحديث هو من جملة الأحاديث التي يزعمونها صحيحة وهي ليست صريحة في الدلالة على المعنى الذي ذكروه إذ ليس فيها ذكر للمهدي"، جوابه أن المحدثين عندما يصححون الأحاديث أو يضعفونها يبنون أحكامهم على منهج علمي دقيق لم تحظ به أي أمة من الأمم السابقة ولا يظفر به أحد ليس من أهل الحديث إلا إذا سلك المسلك الذي سلكوه ومشى على النهج الذي رسموه وهو الاعتماد على الإسناد ومعرفة أحوال رجاله واتصاله أو انقطاعه وغير ذلك، وهذا الحديث بهذا الإسناد ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناده على شرط البخاري وقد سكت عنه أبو داود والمنذري وقال فيه صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود..: الحديث سنده حسن قوي، وقد روى هذا الحديث جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ابن مسعود وأبو هريرة وأم سلمة وأبو سعيد الخدري. رضي الله عن الجميع.. وقد تقدم حديث ابن مسعود رضي الله عنه في المثال الثالث وهذا الحديث بطرقه المتعددة عن الصحابة رضي الله عنهم يدل على أنه يلي أمر المسلمين في آخر الزمان رجل من أهل بيت النبوة يسمى محمد بن عبد الله وهو وإن لم يصرح فيه بوصف المهدي متفق مع النصوص الأخرى المصرحة بهذا الوصف وعلى ذلك درج أهل الحديث حيث أوردوا مثل هذا مما لم يصرح فيه بوصف المهدي وما صرح فيه بهذا الوصف في باب خروج المهدي كما فعل أبو داود والترمذي وغيرهما.