للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد امتن الله تبارك وتعالى على أهل مكة في مواضع كثيرة في كتابه بنعمة الأمن ليلفت الناس إلى شكرها وينبههم إلى خطرها، وجعل ذلك آية من آياته وبرهانا من براهين عظمته وقدرته وألوهيته وربوبيته حيث يقول: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} وكما قال عز وجل: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُون} . وكما قال عز وجل: {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} . وقد أشار الله تبارك وتعالى إلى أسباب الأمن، وأن أساسها الإيمان بالله وعدم الظلم ولذلك قال في قصة إبراهيم عليه السلام حينما هدده قومه بأن أصنامهم ستسلبه الأمن: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ثم بيَّن أصول الأمن وأعظم أسبابه فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} فإن العبد إذا آمن بالله عز وجل والتجأ إليه وامتنع عن المظالم كان حريا بوقاية الله من شرور أعدائه على حد قول الشاعر:

وقاية الله أغنت عن مضاعفة

من الدروع وعن عال من الأطم