ودراستنا لمشكلة (الكحول، والخمر، والإدمان الكحولي) ، والتركيز على هذه المعصية التي تسمى بحق (أم الكبائر) ، لا تعني أننا نقلل من شأن باقي المعاصي، فكلها في ميزان السيئات ثقيلة، وعلى حياة الإنسان خطيرة، غير أننا أقدر على دراسة هذه المشكلة، حيث أنها ترتبط بالعلوم التي درسناها، وتقع في مجال تخصصاتنا المهنية التي نمارسها. ونحن معاشر الأطباء والصيادلة من أبناء الأمة الإسلامية، تقع علينا- أكثر من غيرنا- مسئولية التصدي لمشاكل الإدمان، ولاستعمال الكحول في الصيدلة والعلاج، والتوصل بعون الله وتوفيقه إلى الحلول الحاسمة وهي مسئولية دينية في المقام الأول، ومسئولية إنسانية في المقام الثاني. وفي مقال سابق [١] كانت الدراسة الخاصة بموضوع (التخلص من الكحول في الصيدلة والطب) قاصرة على (مقدمة ونبذة تاريخية) كمدخل للموضوع، ولقد اكتفينا بذلك القدر المختصر من الدراسة على أن يتم نشر الدراسات التفصيلية ذات الطابع التخصصي في مظانها المخصصة لمثل هذه الدراسات العلمية، وسوف نتحدث في هذا المقال وباختصار أيضاً عن النقاط التالية:
أولاً: الإدمان ودوافعه.
ثانياً: مواد الإدمان.
ثالثاً: أثار الكحول وأضراره الصحية.
رابعاً: الوقاية والعلاج.
أولا: الإدمان ودوافعه
تعريف:(الإدمان) : Addiction
هو حالة التعود على تعاطي عقار مع تولد الاعتماد البدني والاعتماد النفسي وظهور الحاجة إلى زيادة الجرعة tolerance مع احتياج الجسم بشدة إلى العقار ليصبح في حالته الطبيعية، نتيجة لعمل بعض أنسجة الجسم وأجهزته تحت تأثير مادة الإدمان، ولما يحدث من بعض التكييف في كيمياء الأعصاب وفي الوظائف المرتبطة بالتشريح العصبي بالمخ في مواجهة التواجد المستمر أو الغالب لمادة الإدمان، ولهذا يتولد بمجرد البدء في الإقلاع عن تعاطي العقار (أعراض سحب withdrawal symptoms شديدة قد تؤدي إلى أخطر الحالات) .