للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقد أصبحت الأضرار المتسببة عن تعاطي مواد الإدمان - بعد أن استفحل خطرها- موضع الاهتمام المتزايد من جانب كثير من العلماء خاصة العاملين منهم بحقل الأمراض العصبية والنفسية، كما ارتفعت صيحات العلماء المخلصين ورجال الأخلاق والاجتماع تطالب بإيجاد الحلول الحاسمة، واتخاذ الإجراءات الحازمة لإيقاف موجة الإدمان التي تجتاح العالم.

أما بالنسبة (للإدمان الكحولي) ، وهو موضوع بحثنا، فلقد تمت الدراسات المستفيضة الخاصة بالتعرف على آثار الكحول الضارة في الإنسان، سواء كان كحولاً صافياً، أو كان في أية صورة من الصور، خمرا كانت أو مستحضراً دوائياً. وتم التعرف على آثار الكحول وأضراره بأية كمية يتعاطاها الإنسان. وأجريت التجارب، وتحققت المشاهدات، ورصدت حالات الإدمان، والسكر ودون السكر، وكادت أن تتوحد المعلومات العلمية وكذلك الفكر العلمي تجاه مفعول الكحول في الإنسان وآثاره الضارة بأية كميات يتعاطاها الإنسان، ولم تعد تلك المعلومات موضع جدل بين العلماء، وهي الآن موضع استقصاء وتعرف على مزيد من التفاصيل.

وفيما يلي تقدم بعض المعلومات العلمية المقتضبة:

أولا: يثبط الكحول الجهاز العصبي المركزي من البداية إلى النهاية، وهو مثبط أيضاً للمراكز العليا بالمخ التي تميز الشخصية الإنسانية عن الحيوانات، والتي اكتسبت أدائها بالتعاليم الدينية والتهذيب والثقافة، والتي تقوم بكبح جماح الغرائز الإنسانية؛ ولذلك فإن الكحول يطلق العنان لهذه الغرائز بمفعوله المثبط لعمل المراكز العليا الضابطة لها والمهيمنة عليها، ويترتب على ذلك بالضرورة بعض مظاهر الانطلاق العضلي والذهني مما يظنها البعض نشاطا، وهي في حقيقتها حالات انفلات من سيطرة المراكز العليا، لهذا فهي نشاط كاذب ومؤقت.