ففي هذا الحديث على رواية المروزي قيام الناس مع من معه شيء من القرآن فهو تدرج من الترغيب إلى الاستناد المقرون بفرضية الصيام، إلى القيام بالفعل في المسجد مع من معه شيء من القرآن ثم خطوة أخرى وهي القيام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته وإن كان لم يشعر بهم على الصحيح كما في سؤاله عائشة:"ما شأن الناس" وقوله: "اطو عنا حصيرك".
وأصرح من هذا حديث أنس عند المروزي:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان فجئت فقمت إلى جنبه ثم جاء آخر ثم جاء آخر حتى كنا رهطا، فلما أحس رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا خلفه تجوز في صلاته، ثم دخل منزله، فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا فلما أصبحنا قلنا يا رسول الله: أو فطنت لنا البارحة"، فقال:"نعم، وذلك الذي حملني على ما صنعت". ففي هذا الحديث ما يفيد أنه صلى الله عليه وسلم لم يشعر بهم في أول صلاته لقول أنس:"فلما أحس رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا خلفه"، كما أن فيه ما يشعر أنه صلى الله عليه وسلم بدأ صلاته تلك في المسجد بدليل قوله:"تجوز في الصلاة ثم دخل منزله". وكما يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم علم بصلاتهم خلفه ولم ينكر عليهم، وأصرح من ذلك دلالة على صلاته صلى الله عليه وسلم في المسجد حديث عائشة عند البيهقي عن عروة بن الزبير رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل يصلي في المسجد فصلى رجال يصلون بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك. وساقت قصة صلاته اليالي إلى الليلة الرابعة. قالت:"عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم". ففيه دلالة صريحة أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة في المسجد، وفيه دلالة على امتلاء المسجد بالمصلين.
وهده خطوة أخرى وهي امتلاء المسجد بعد أن كانوا أوزاعا فقد عجز المسجد عن أهله ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يخرج إليهم خشية أن تفرض عليهم.