للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الدلائل البينة على هذا الشوق الجارف فهي كثيرة وسنذكر بعضها إن شاء الله في بحث آخر عن "النزول وقضاياه"، ونذكر هنا من محكم الذكر الكريم ما يدل على كريم حرصه صلى الله عليه وسلم على أن يصبح قلبه الذكي كأنه صورة من صحائف اللوح المحفوظ، يقول ربنا جل ذكره: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} ١١٤: طه، ويقول سبحانه: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ١٦- ١٩: القيامة، وقد أ، زل الله على فؤاده الكريم سكينة الذكر، وأمنه من مخافة النسيان، فأوحى إليه جل ذكره: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} ٦- ٧: الأعلى.

والذي نخلص إليه من كل ما سبق: أنه من تكريم الله لكتابه بكل صنوف التكريم، وحفظه له بمختلف أنواع الحفظ، أن كان الوحي القرآني بهذه الصورة المشرقة الناصعة فلم يكن شيء من القرآن قط غلا وتلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة من جبريل عليه السلام في حالة كان فؤاده الكريم يتلألأ يقظة ويشرق وعيا، أو قل كاد طبيعته البشرية حالة الوحي أن تأخذ صورة ملائكية، وكيف لا ونفسه الشريفة في الذروة العليا بين خلق الله جميعا.


[١] انظر ج ٢٠ ص٢٥٧ بعدها الطبعة المصورة لدار التأليف. وما بين الأقواس المعقولة هو من عبارتنا
[٢] انظر لسان العرب جـ ٢٠ ص ٢٥٧-٢٦٠
[٣] انظر القاموس المحيط جـ ٤ ص ٤٠١ ط: الحلبي
[٤] المصباح المنير ص ١٠١٠ط: الأميرية.
[٥] مختار الصحاح ص ٧٣٠ ط الأميرية.