وقد ذكر البعض: أن (الرحمن) يرحم أهل الدنيا والآخرة، و (الرحيم) خاص بالمؤمنين يوم القيامة، إذ أن الله يرحم المؤمنين والكافرين في الدنيا على السواء وذلك من نواحي أمورهم المعيشية، وأسباب حياتهم، وما يكفل لهم حياتهم الدنيا، فرحمته هنا (أي رحمة الرحمن) عامة، وإذا لم تكن الرحمة هذه عامة، لا تتكامل أسباب التكليف من الإنعام عليهم بنعمة العقل الذي بواسطته يعرفون الحق من الباطل، ونعمة تسخير ما في الكون ليستفيد منها أهل الأرض من الإنس والجن {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعا} . فتكامل أسباب التكليف في الدنيا سيكون عليه في الآخرة مدار الحساب.
وأما ما جاء في الدعاء المأثور "يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها"فقوله: "رحيمها"محمول على معنى أنه يرحم المؤمنين في الدنيا فيما أطاعوه من الإيمان به، وتنفيذ أوامره، واجتناب نواهيه، وتسهيل سبل ذلك لهم؛ ويرحمهم في الآخرة بإدخالهم الجنة جزاء ما أسلفوا من إيمان وطاعة، فطاعتهم له في الدنيا رحمة منه تعالى، وجزاؤهم بالجنة رحمة منه تعالى، وهذا معنى قوله ورحيمها والله أعلم [٢٧] .
واسم (الرحمن) يختص به الله جل جلاله وحده، ولا ينبغي أن يتسمى به واحد من خلقه، شأن كل أسمائه الحسنى جميعا كما سبق أن أسلفنا، ولكن شخصا كان قد تسمى بالرحمن هو: مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب أبو ثمامة، من أهل اليمامة، لذا عرف برحمن اليمامة، وكان قد قوي أمره في اليمامة وظهر جدا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقارعه خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق وانتصر عليه.
وقد زعم لقومه أنه أشرك في الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يسجع لهم الأساجيع، ويقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن:(لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا) وأحل لهم الخمر، والزنى ووضع عنهم الصلاة. واجتمعت معه حنيفة على ذلك.