أ – تعدد الأئمة بعد إمام واحد. وهو أُبَي، وسواء كان ذلك رفقا بالإمام الأول فجعل معه آخر يساعده، أو كان ترويحا للمأمومين وتنشيطا للمصلين ولا سيما وقد كانوا حدثاء عهد بتعدد الأئمة حينما كانوا يصلون أوزاعا.
وقد مضى عمر رضي الله عنه إلى أبعد من هذا فجعل إماما للنساء، وانتخب أكثر من إمام للتراويح، أما إمام النساء فهو سليمان بن أبي حتمة. فكما جاء عند المروزي قال: وعن هشام بن عروة عن أبيه: جعل عمر بن الخطاب للناس قارئين فكان أبي بن كعب يصلي بالرجال وكان بن أبي حتمة يصلي بالنساء. فهذا الأثر يفيد أن إمامة سليمان ابن أبي حتمة بالنساء كانت أثناء إمامة أبي للرجال، أي أنهما كانا يصليان في وقت. هذا لهؤلاء وهذا لؤلائي.
وقد كان ذلك أقصى ما وصلت إليه التراويح من حيث النشاط والصبر وطول القيام وكثرة القراءة.
ثم أخذت قي التدرج إلى الأسهل فتعددت الأئمة وخففت القراءة وكثرت الركعات.
أما تعدد الأئمة أكثر من ذلك فهو كما في رواية عاصم عن أبي عثمان رحمه الله أن عمر رضي الله عنه جمع القرآن في رمضان فأمر أخفهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية وأوسطهم خمسا وعشرين وأثقلهم قراءة عشرين.
فنرى هنا تعدد الأئمة وهو أكثر ترويحا وتخفيفا على نفس الإمام وعلى المأمومين، ثم نرى أيضا تخفيف القراءة فأقصاها ثلاثون بعد أن كانت تصل إلى الستين والمئين. بل نجد أثرا آخر وهو أن عمر رضي الله عنه أمر أبيا فأمهم في رمضان فكانوا ينامون ربع الليل ويقومون ربعه وينصرفون بربع لسحورهم وحوائجهم. وكان يقرأ بهم خمس آيات ست آيات في كل ركعة ويصلي بهم ثمان عشر ركعة شفعا يسلم في كل ركعتين، ويروحهم قدر ما يتوضأ المتوضئ ويقضي حاجته، بهذا يتضح إلى أي مدى حدث تغيير وتجفيف في الكيفية والقراءة.