وقد قرىء مالك، وقرىء ملك، وكلا القراءتين صحيح متواتر في السبع، وليس تخصيص الملْك بيوم الدين الإخبار بأنه تعالى رب العالمين، وذلك عام في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف اسم (مالك) إلى يوم الدين لأنه لا يدعى هناك أحد غيره، ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً}(النبأ آية ٣٨) - قال الضحاك عن ابن عباس:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يقول لا يملك من أحد في ذلك اليوم كملكهم في الدنيا بأن يقول أحد - تجوّزَا - هذا ملكي، هذا مالي، أما يوم القيامة فليس لأحد ملك ولا مال" [٣٨] .
وقد اختلف العلماء في أي الاسمين أبلغ: مالك أو ملك؟ فقال أبو عبيد والمبرد ورجح قولهما الزمخشرى: "إن (ملك) أعم وأبلغ من (مالك) إذ كل ملك مالك، وليس كل مالك ملكاً" ولأن أمر الملك نافذ في ملكه، فلا يستطيع أن يتصرف إلا بتدبير الملك.
وقال آخرون: إن (مالك) أبلغ من ملك، لأن (المالك) يكون مالكاً للناس وغيرهم، فالمالك أبلغ تصرفا وأعظم.
وقال أبو حاتم: "إن (المالك) أبلغ في مدح الخالق من ملك، و (الملك) أبلغ في مدح المخلوقين من (المالك) ، لأن (المالك) من المخلوقين قد يكون غير ملك، وإذا كان الله تعالى مالكاً كان ملكاً". وقد اختار هذا القول أبو بكر بن العربي.
وقال الإمام الشوكاني: "والحق: أن كل واحد من الوصفين نوع أخصية لا يوجد في الآخر، (فالمالك) يقدر على ما لا يقدر عليه الملك من التصرفات بما هو مالك له بالبيع، والهبة، والعتق، ونحوها؛ و (الملك) يقدر على ما لا يقدر عليه (المالك) من التصرفات العائدة إلى تدبير الملك وحياطته، ورعاية مصالح الرعية، (فالمالك) أقوى من (الملك) في بعض الأمور، و (الملك) أقوى من (المالك) في بعض الأمور.