أولا: ثمان ركعات، أو ثمان عشرة ركعة، يقرؤون بالمئين. وكانوا لا ينصرفون إلا على وجه الفجر. وعليه قلنا تكون القراءة لست وثلاثين ركعة كالقراءة لثمان أو لست عشرة ركعة.
بل وجدنا عمليا أن عمر رضي الله عنه جمع القراء فأمر من كان أخف قراءة أن يقرأ بثلاثين بينما كانت القراءة بخمسين بستين كما تقدم.
وعليه لا يكون تعارض بين الروايات الواردة وعدد الركعات للتراويح زمن عمر رضي الله عنه. كما قال الباجي رحمه الله في شرح الموطأ ج١ص٢٠٨ ما ملخصه: قد اختلفت الروايات فيما كان يصلى به في رمضان في زمان عمر رضي الله عنه. فروى السائب بن يزيد إحدى عشرة ركعة، وروى يزيد بن رومان ثلاثا وعشرين ركعة، وروى نافع مولى ابن عمر أنه أدرك الناس يصلون بتسع وثلاثين ركعة يوترون فيها بثلاث.
فيحتمل أن يكون عمر رضي الله عنه بدأ بثمان على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أفاده حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم:"ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على ثمان ركعات". وأمرهم مع ذلك بطول القراءة يقرأ القارئ بالمئين في الركعة فلما ضعف الناس عن ذلك أمرهم بثلاث وعشرين ركعة على وجه التخفيف عنهم من طول القيام، واستدرك بعض الفضيلة بزيادة الركعات وكان يقرأ البقرة في ثمان ركعات أو اثني عشرة ركعة، وقد قيل: إنه كان يقرأ من ثلاثين آية إلى عشرين آية. وكان الأمر على ذلك إلى يوم الحرة، فثقل عليهم القيام فنقصوا في القراءة وزادوا في عدد الركعات فجاءت ستة وثلاثين ركعة والوتر بثلاث فمضى الأمر على ذلك ولعل التخفيف إلى ستة وثلاثين وقع قبل الحرة كما جاء في رواية محمد بن سرين أن معاذ أبا حليمة كان يقوم بهم إحدى وأربعين ركعة. وهو ما مات إلا في وقعة الحرة.