ويرسلون السفراء ويجهزون الجيوش ويضعون الاستراتيجيات ويخططون ويمارسون نظام الشورى وإذا جدّ أمر واستدعى قرارا سريعا ورأيا قاطعا نودي (الصلاة جامعة) فيجتمع الناس ويتشاورون، وفيها ينتخب العمال ويرسلون ويحاسبون وتوزع فيها أموال الزكاة والصدقات ويعقد فيها النكاح فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه الدفوف"[١٤] ومنه تعطى الشهادة بالنجاح مع الله للمسلم إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"[١٥] وبالتردد عليها يشهد للرجل بالإيمان فقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان"[١٦] ، وهذا تأكيد لقول الله تعالى:{إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} .
إن المسجد يمكن أن يؤدي دوره الأول في حياة المسلمين وتربية أبنائهم وتوجيههم في النواحي الروحية والأخلاقية والاجتماعية حيث يتعلم فيها ويستمع إلى الموعظة النافعة ويخطط فيها لرعاية الشباب وممارسة نشاطاته ويتعلم فيها النواحي الدينية وما يتعلق بمناهج الحياة وأمور التشريع، إن المسجد يمكنه ممارسة مهامه الأولى في التربية إذا كان للحاكم مكان فيه وإذا كان التخطيط للأمة المسلمة في ربوعه وإذا جعل المسجد مكانا لمناقشة الدراسات التي تقدمها اللجان المتخصصة في السياسة والتعليم والتربية والمال والشئون البلدية وما إليها.