أما عن الأموال التي لم تكن موجودة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي اليوم معظم مجموع مال الأمة من عمارات ومصانع وشركات وغيرها فإنني أرى أن الصحيح أن نطبق عليها حكم القرآن والسنة قبل أن نلجأ إلى الاجتهاد ـ {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} وجميعها أموال سواء أكانت منقولة أو غير منقولة وسواء أكان الاتجار بأعيانها أو منافعها، وقد جعل الله الحق العام فيها لا في أرباحها ولا في ريعها.
إن قول السائل عن الأموال التي لم تكن موجودة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد بينا أنها كانت بأجناسها فليس في الأمر جديد من حيث الأصل.
وأما رأي السائل في تطبيق القرآن والسنة، فإن للآخرين أن يقولوا بالموجب المعروف عند الأصوليين وهو القول بموجب ما يقول السائل به فعلا.
ولكن وما هو حكم القرآن والسنة، وقد قدمنا أن قوله تعالى:{حَقٌّ مَعْلُومٌ} قيد الحق المطلوب بأنه معلوم ولا معلوم في التشريع إلا من جهة المشرع والسنة فسرت وأعلمت وليس لأحد حق في تشريع جديد، فنقول نعم إن العمارة والمصنع والأرض مال، ولكن عموم المال قد جاء تخصيصه وجاء بيان المخصوص منه وبيان المزكى منه وبيان الحق المطلوب فيه.
وقد درست هذه المسألة حديثا على مستوى المؤتمرات ومجامع البحوث واتفقت الكلمة على أن لا زكاة في أعيان العقارات ولا أعيان الأراضي الزراعية كما جاء في كتاب "التطبيق المعاصر للزكاة" للدكتور شوقي إسماعيل شحاته طبع سنة ١٣٩٧هـ،١٩٧٧م جاء في الباب السادس منه زكاة إيرادات الأموال العقارية. جاء في الفصل الثاني منه عنوان زكاة العقارات المبنية ذات الإيراد، قال في مستهل كلامه منه ما نصه:"لا شك أن الدور والمباني إذا كانت للسكنى الخاصة فلا زكاة فيها لأنها مال يراد لحاجة أصلية".