للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول إن المتأمل في هذا القول يجد شبه تخالف لأن تلك الأرض التي كان يزرعها المزارع والتي هي مشغولة بالحاجة هي التي جاء فيها {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وهي التي أخذ النبي صلى الله عليه وسلم فيها العشر أو نصفه، فهي إذا زائدة عن شغل الحاجة وليس في عينها زكاة.

أما أنها كانت لا قيمة لها فهذا باب آخر أطال الكلام فيه الأستاذ أبو الأعلى المودودي بما لم يقله إمام من الأئمة وليس عليه عمل من سلف الأمة فلا حاجة إلى نقاشه.

أما قول السائل بأن الأرض كانت تملك بطريق التصرف أي الإحياء وليست مالا، فإنكم لو أعيد النظر لوجد أن الأرض في ذلك الوقت هي عين المال، ألم يشتر النبي صلى الله عليه وسلم أرض المسجد أول قدومه المدينة.

ألم تكن الأرض موضع الغرس، وغرس النخل أطول الأشجار عمرا؟.

إن الأرض التي تملك بالتصرف هي الأرض الميتة التي لم تكن محياة لا بزرع ولا بنيان ولا غير ذلك، وقد كان الإمام يقطع ما شاء منها لمن شاء وإلا لما كان للإقطاع من الإمام محل إذا كانت الأرض ليست مالا وتملك بالتصرف، وعليه يقال: كانت الأرض موجودة والزكاة مفروضة ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم زكاتها فعدم الفعل مع وجود المقتضي وعدم المانع يدل على عدم الوجوب.

أما اعتقاد السائل مرة أخرى أن حولان الحول يتحقق على الحاصل الزراعي وقت الحصاد لاستغراق الموسم الزراعي حولا ابتداء بالحراثة والبذر ونحوه، فهذا يغاير طبيعة الزراعة لأن أطول الزراعة عمرا في الأرض هو القمح ومدته لا تتجاوز ستة أشهر، أما الذرة فلا يصل ثلاثة أشهر وفيه مع ذلك مغايرة لما عليه جمهور المسلمين.