صلينا معهم المغرب، وصلى بنا نائب الإمام، وكانت قراءته غير مستقيمة مع شدة حرصه وتكلفه لتكون مستقيمة، وهذه ظاهرة وجدناها في بعض المسلمين هناك يحرص الإنسان أن يؤم الناس ولو كان في المصلين من هو أفضل منه بل ولو كانت قراءته هو غير مستقيمة، وكان من بين المصلين بعض الطلبة العرب وهم يجيدون التلاوة ولكن الإمام الذي نصب إماما حرصا على الإمامة والإمرة لا يقدم غيره.
وبعد أداء الصلاة طلبنا من الإمام إجراء التعارف وخيرناهم بين أن يسمعوا حديثا أو فتح المجال للأسئلة والمناقشة، فاختار الثاني، ولم يجر التعارف المطلوب، وشعرنا بشيء من الجفوة في الجماعة، إذ لم يصافحنا إلا الإمام لقربه منا، ولا أذكر إن كان هو الذي مد يده أولا أم نحن؟.
وبدأ الرجل الحديث فحمد الله وأثنى عليه ثم أن الواجب هو اتباع محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره، وأن العلماء يجب أن يبينوا الحق للناس دون لبس، وفتح الكتاب الذي فيه ترجمة بعض معاني القرآن الكريم واستدل على قوله ببعض المعاني المترجمة، ثم قال للحاضرين من عنده سؤال فليتقدم به.
إعداد مسبق:
فبدأ الجميع يتحفزون وظهر لنا أن بعضهم كانوا قد أعدوا أسئلة في أوراق، وكانوا ينظرون في الورق ويسألون، ولذلك كان سؤال الواحد منهم، عبارة عن رأي مسبق يصوغه في حديث ثم يسأل عن الرأي فيه، وكانوا إذا شعروا بأن سؤال أحدهم غير كامل أو كانت الإجابة مقنعة للسائل انبرى آخر لشرح وجهة نظر السائل ليشكك السائل والحاضرين بأن الإجابة غير كافية.
وكانوا يظهرون الاعتداد بأنفسهم وقناعتهم بما عندهم ويحاولون تيئيسنا من إقناعهم بغير ما عندهم، وأن ما توصلوا إليه من أفكار يعتبر نهائيا فليسوا في حاجة إلى غير ما علموه، وهكذا شعرنا من مناقشاتهم وضايقنا ذلك كثيرا، وكانوا يقاطعوننا في الحديث.