وأما "أوكستين"ويسمى باللاتينية (أغسطونيوس) فقد ولد في "تاغستة"وهي بليدة من توميديا في إفريقيا غير بعيدة عن قرطجنة وهي في هذه الأيام من أعمال تونس في ١٣من تشرين الثاني سنة ٣٥٤وتوفي في ١٨ آب سنة ٤٣٠ بتاريخ النصارى وكان أبوه وثنيا وأمه نصرانية متعصبة وكان في أول أمره بعيد على التدين والصلاح ثم اشتغل بدراسة الفلسفة ولما بلغ من عمره ٢٩ سنة انتقل إلى إيطاليا فاجتمع بالعلماء ثم دخل في النصرانية بإلحاح من أمه وألف كتاب سماه (الاعترافات) ذكر فيه سيرته قبل التدين بالنصرانية وبعده ثم رجع إلى بلده "تاغستة"ثم أخذ يعظ في الكنيسة إلى أن صار أسقفا وبقي فيها ٣٥ سنة وألف تآليف كثيرة في الديانة النصرانية منها تفسير الزبور ومنها حواش على الأناجيل الأربعة وله كتابان آخران أحدهما كتاب (الاعترافات) وقد تقدم ذكره والثاني (مدينة الله) وإليه أشار "جوزيف مكيب"الذي ترجمت كتابه وسميته "مدنية العرب في الأندلس"ومقصوده بهذا الكتاب الرد على الوثانيين الذين يعبدون الأوثان والأصنام ودعوتهم إلى الدخول في مدينة الله بإيمانهم بدين النصارى الذي يقصر العبادة على ثلاث أقانيم فقط أولها الأب وثانيها الإبن وهو عيسى عليه السلام وثالثها روح القدس وهو قد يظهر في بعض الأحيان على شكل حمامة أو غيرها يقول كاتب هذه المحاضرة وليت شعري ما الفرق بين عبادة الأوثان والأصنام وبين عبادة الأقانيم الثلاثة؟ صدق الله العظيم {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ