وقال صلى الله عليه وسلم:"من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل"[٥] ، وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا"[٦] .
وإن أعداء الإسلام ومثيري الشغب ضده، اتخذوا من ذلك التشريع الحكيم ذريعة للطعن في نظام الإسلام... والحط من قيمة المرأة، ليشككوا في صلاحية هذا الدين ومقومات خلوده وبقائه على امتداد العصور... وقبل الحديث عن التعدد وحكمته وواقعيته في الإسلام، أحب أن أسأل أولا... هل الإسلام هو الذي أنشأ التعدد وابتدعه وأطلقه حتى يؤاخذ به، أم هو الذي قيده وضبطه حتى يحمد له...
إن الذين كتبوا عن تاريخ الزواج على اختلاف النظم الإنسانية بينوا أن التعدد كان معروفا في جميع البيئات قبل الإسلام، يهودية ومسيحية، عربية وغير عربية.. أباحته اليهودية دون حد، وكان ذلك شائعا في ملوكها وأنبيائها، ولا توجد في أسفار العهد القديم نصوص تحرم التعدد أوتمنعه عن الآباء والأنبياء ولمن دونهم من الخاصة والعامة [٧] .
كما كان التعدد فاشيا في العالم المسيحي بين العامة ورجال الدين، إذ أن أسفار العهد القديم وهي - مقدسة لدى النصارى - تبيحه ولا تمنعه.. ثم أنه لم يرد في النصوص الأولى للمسيحية التي تحكيها أناجيلهم المتداولة نص صريح يمنع تعدد الزوجات بل إنه يوجد في رسالة بولس إلى "تيموثاوس"ما يفيد أن التعدد جائز، فقد جاء فيها "يلزم أن يكون الأسقف بعل امراة واحدة"[٨] ، [٩] ... وفي ذلك ما يدل على ان الزيادة على الواحدة لغير الأسقف جائزة، وإن منع تجدد الزوجات قاصر على رجال الدين، ومن يعدد منهم ينخرط في سلك العامة، ويمنع من الانخراط في سلك الكهنوت.