ولقد ظهر أن هذا المخنث كان يطلع على ما لا يطلع عليه كثير من النساء من عوراتهن ومحاسنهن ولقد روي أنه وصف منها ما يستهجن ذكره ويفحش الاطلاع عليه، ولذلك منعه صلى الله عليه وسلم من الدخول على نسائه، ومنع نساءه من الظهور عليه لأنه له حكم الفحول من الرجال الراغبين في النساء، فقال صلى الله عليه وسلم:"لا يدخل هؤلاء عليكن" والداخل كان واحدا، وهو المخنث، وإنما جمع إشارة إلى جميع المخنثين لما رأى من وصفه للنساء، ومعرفته ما يعرفه الرجال منهن، ويمنع كذلك حرصا على حرمة البيوت وصيانة لها، وحفاظا على العفة والفضيلة وحتى لا يروا النساء في زينتهن، فتحصل الفتنة والشهوة، ومنعا لمن يتظاهر بأنه لا إربة له في النساء وقد يكون في الحقيقة غير ذلك ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بذلك بل أمر بإخراجهم من المدينة، وعزلهم عن الناس ونفيهم بعيدا عن النساء وقد ذكر العلماء أن اسم هذا المخنث "هِيْت"بكسر الهاء وسكون الياء وبالتاء، وقيل "هنب"بالنون والباء وهو الأحمق، وقيل "ماتع"مولى فاختة المخزومية، وقيل "مانع"والمحفوظ أنه "هيت"، ولقد نفاه صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى موضع بالبيداء يسمى الحمى، وكان يدخل كل يوم جمعة إلى المدينة يستطعم الناس، ثم يعود إلى منفاه، وقد روي أن سعدا خطب امرأة بمكة فقال هيت:"أنا أنعتها لك"، وكان يدخل على سودة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما أراه إلا منكرا" فمنعه، ولما قدم المدينة سيره إلى خاخ، ولعل هذا تكرر منه فنفاه صلى الله عليه وسلم مرات وقد أخرج عمر رضي الله عنه من المدينة من كان كذلك، فلقد سمع قوما يقولون أبو ذؤيب أحسن أهل المدينة، فدعا به، فقال:"أنت لعمري"، فأخرج عن المدينة فقال:"إن كنت تخرجني فإلى البصرة حيث أخرجت يا عمر نصر بن حجاج"، وكان نصر هذا يتغنى به بعض النساء ليلا، فسأل عنه ونفاه من المدينة حتى لا يفسد النساء على الرجال، وجعدة السلمي كان يخرج وراء بعض النساء