للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكما أن المسلم يجب عليه العشر أو نصفه في الخارج من أرضه فالكتابي يجب عليه الخراج فيما تنتجه أرضه، وكلا من الزكاة والخراج إنما وجب بصفة المؤنة للأرض؛ لأن بقاء الأرض يأيدي ملاكها يستغلونها وينتفعون بها موقوف على جهود كبيرة تبذل شق الأنهار، وتعبيد الطرق، وبناء الجسور، ثم إن أربابها لا ينتفعون بما تخرجه إذا لم تعين الدولة من يأخذ على أيدي المعتدين، ويحفظ الأمن ويصون النظام، وبما أن هذه الأعمال التي تقوم بها الدولة لمنفعة أرباب الأملاك، وجب أن تكون نفقة من يقومون بها في غلات الأرض وخراجها.

وأما العشور التي تؤخذ في البلاد الإسلامية على عروض التجارة الواردة إليها، والصادرة منها، فأساسها تبادل المعاملة بالمثل بين البلاد الإسلامية وغيرها من البلدان.

وسمى الفقهاء العامل الذي يقوم بأخذ العشور: العاشر، لأن ما يأخذه يدور على العشر، فإنه من المسلم ربع العشر، ومن الذمي نصف العشر، ومن الحربي العشر إن لم يعلم ما يأخذون منا.

ومما ينبغي في العمال الذين ينصبون لجباية العشور أن يكونوا أولي بأس ومنعة، ليؤمنوا التجار من اللصوص وقطاع الطرق ويحمونهم منهم، وفي مقابل تلك الحماية ساغ لهم جباية رسوم على ما يمر به التجار من أموال ظاهرة أو باطنة تختلف في صفتها، وقدرها تبعا لاختلاف الشخص المار بها، فهي من المسلم زكاة ومن الذمي جزية، ومن الحربي جزاء الحماية.

وأما ما يؤخذ غنيمة بالقتال فقد فرض خمسة لمصالح عامة بينتها آية الأنفال.

قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [١٣] .

وفي تخصيص هذا الخمس لمن سمى الله تعالى رعاية للمصلحة العامة، وتزكية لنصيب الغانمين حتى لا يحقد عليهم الضعفاء والمحتاجون.