ومع نزول القرآن في هذه اللغة ارتفع شأنها وأصبحت اللغة السائدة في بلاد العرب والمسلمين، وإن للغة العربية فضلا كبيرا على نشر حضارة الفكر العربي الإسلامي، وتقدم العلوم والفنون والآداب المختلفة، ولأجل القرآن ظهرت علوم القرآن كلّها كما ظهرت علوم اللغة والنحو والصرف، والبلاغة التي كانت أساسا لتفسير نصوص القرآن وفهمها، ومن أجله أيضا ظهرت علوم منهجية مثل علوم التاريخ والأخبار والأسانيد وغيرها، كما تقدمت - تطبيقا لتعاليم القرآن - علوم كثيرة مثل الرحلات والجغرافيا والسير، واستحدثت علوم الطب والكيمياء والاجتماع وعلوم أخرى تابعة لدراسة القرآن، مثل التجويد والتلاوة إلى جانب علوم عديدة إسلامية.
ويتضح من هذا كله مدى طاقة اللغة العربية لما تمتاز به من قوة بيانها وأصالة ألفاظها وأصواتها وموسيقى كلماتها ووفرة معانيها، ولماّ كانت العلوم الإسلامية كلها تقوم على المبادئ القرآنية والسنة النبوية فيجب اغترافها من مناهلها الفياضة الأصلية ألا وهي نصوص القرآن والحديث النبوي فلا يتحقق هذا الهدف المنشود إلا عن طريق اللغة العربية التي هي وعاءهما الأصلي، وإذا رجعنا إلى نصوص القرآن وجدنا أن اللغة العربية هي مركز الانطلاق إلى حظيرة القرآن إذ جاء فيه:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، و {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} و {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} .