وقد حفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته عليه الصلاة والسلام القولية والفعلية وبلغوها من بعدهم من التابعين ثم بلغها التابعون من بعدهم. وهكذا نقلها العلماء الثقات جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن، وجمعوها في كتبهم وأوضحوا صحيحها من سقيمها. ووضعوا لمعرفة ذلك قواعد وضوابط معلومة بينهم يعلم بها صحيح السنة من ضعيفها وقد تداول أهل العلم كتب السنة من الصحيحين وغيرهما وحفظوها حفظا تاما كما حفظ الله كتابه العزيز من عبث العابثين وإلحاد الملحدين وتحريف المبطلين تحقيقا لما دل عليه قوله سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ، ولا شك أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي منزل فقد حفظها الله كما حفظ كتابه وقيض الله لها علماء نقادا نفوا عنها تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين ويذبون عنها كل ما ألصقه بها الجاهلون والكذابون والملحدون لأن الله سبحانه جعلها تفسيرا لكتابه الكريم وبيانا لما أجمل فيه من الأحكام، وضمنها أحكاما أخرى لم ينص عليها الكتاب العزيز كتفصيل أحكام الرضاع وبعض أحكام المواريث وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها السنة الصحيحة ولم تذكر في كتاب الله العزيز.