والأمر الثاني الذي يجب أن يقوم به الأساتذة والمربون هو غرس الفضيلة في نفوس الطلاب وغرس معنى العزة والكرامة التي أرادها الله سبحانه وتعالى للمؤمنين، وقد تكلمت في هذا المعنى كثيرا مع بعض الإخوان الذين يفدون إلى هذه الجامعة من أقطار الدنيا، وتحدثت معهم عما تعانيه شعوبهم من الكيد والأذى لأنهم يعيشون أقليات، وقد شاهدت بعض هذه الشعوب تعيش واقعها المرير الممزق لأنها تشعر بالذلة والهوان، وقد حثثت هؤلاء الإخوان - وخاصة الذين هم يتولون مسئولية الجامعات والمدارس والمعاهد الإسلامية - حثثتهم على أن يعنوا عناية فائقة بإيقاظ هذه العزة النائمة في نفوس هؤلاء المساكين، فإنه لا تناقض بين أن يكون المسلم معلما وأن يكون عزيزا، فقد يكون فقيرا معدما من المال لكنه عزيز بعزة الله لأن هذه الآية محكمة أعني قول الله تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} فالمؤمن عزيز حتى ولو طوى شهرا كاملا جوعا، لكن أعداء الإسلام من مستعمرين وغيرهم يحاولون أن يثبتوا هذه الذلة التي ضرب الله جنسها على اليهود يحاولون أن يثبتوها في هؤلاء المسلمين لأنهم حين يشعرون بعزتهم يكون لهم شأن آخر ووضع آخر، فلا يفتأ هؤلاء الأعداء يكرسون الذلة على المسلمين حتى يظلوا بعيدين عن عزتهم التي أرادها الله، على أن الأعداء لو أدركوا حقيقة الأمر لكان من الخير لهم أن يكفوا عن عدوانهم، وأن يتركوا أذاهم للمسلمين، ذلك أن المسلمين متى أفاقوا من غفوتهم، ومتى استعادوا عزهم ومجدهم كانوا خيرا لا لهم فحسب، بل للبشرية جمعاء ومنها المجتمع الذي يعيشون فيه ألم يقل الله عز وجل:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} فلا بد أن نرعى في تربيتا لهؤلاء الطلاب أن نغرس فيهم - بما يسمعونه وبما يتلقونه - معنى العزة التي أرادها الله للمسلم ولا بد أن نعلهم ما بين عزة الإيمان والعنجهية والكبر من تضاد، فإن الله سبحانه وتعالى وصف