إن العالم الغربي يستغل معطيات الحضارة في نشر البغي والاعتداء واستنزاف مقدرات الشعوب، ولا مخرج للعالم من غياب القيادة المؤمنة الرشيدة إلا بالرجوع إلى الله، واتخاذ الشريعة منهجا للحياة وعبادة الله وحده، ولا يتم ذلك إلا بالدعوة الصادقة لزعماء المسلمين وقادتهم؛ وأغلبهم لا يطبقون شريعة الله ولا يتبعون منهجه، ولا يأخذون بالإسلام كنظام صالح لقيادة البشرية وتوحيدها وتحكيم شريعتها؛ حتى يمكن أن تقدم نماذج للحكم الإسلامي والاستقرار النفسي والمادي والأمن والطمأنينة ونحوها من ألوان السعادة التي تتم باتخاذ القرآن والسنة دستورا للحياة.
إن المسلمين يواجهون مشكلات عصيبة وتحديات خطيرة نتيجة عدم تحكيمهم لكتاب الله، وعلى رأس هذه المشكلات التي أخذت السنوات من عمر المسلمين معركتنا الدائمة مع اليهود، والتي أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنها معركة دائمة ومستمرة، واليهود لم يحققوا أهدافهم إلا في ظروف غياب الخلافة الإسلامية ووحدة المسلمين وتجريد أهم قضاياهم من الصبغة الإسلامية، وأقرب مثال لذلك قضية فلسطين التي استطاع أعداء الله في الشرق والغرب جعلها قضية عربية؛ حتى وصل الأمر إلى اقتناع (منظمة التحرير الفلسطينية) بذلك؛ فاعتنقت الدعوة إلى قيام دولة علمانية في أرض فلسطين، وشردت القضية في ذلك في متاهات القومية والمذهبية والعنصرية، وأبعد عنها دول إسلامية لها ثقلها المادي والمعنوي، والمعركة في الحقيقة معركة بين العقيدة الإسلامية والدعاوى اليهودية، وما لم يجدد قادة المسلمين هوية هذه القضية الدينية ويعودوا إلى الله يطلبون العون ويأخذون بأسباب النصر؛ فسوف تتحقق مطامع اليهود في إسرائيل الكبرى، وسيرنو اليهود إلى مقدسات الإسلام الأخرى بعد أن التهموا المسجد الأقصى وعاثوا فيه فسادا وأحرقوه بالنيران عام ١٩٦٩م.