ونلمح من خلال الآيات أن قوم الرجل أنكروا عليه كلامه واتهموه بالمروق، وكأنهم سألوه: هل أنت على دينهم؟ فقال:{وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ، إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[٣٥] .
إن الداعية - حسب سياق الآيات - قد فهم دعوته فهما دقيقا مكنه من شرحها لهؤلاء المنكرين، أما تراه يقرر الوحدانية بأسلوب منطقي فريد؟، ويثبت بطلان الشرك ببراهين محسوسة لا ينكرها إلا معاند متغطرس؟، ثم يبين أن من يفعل ذلك فهو في ضلال مبين ولو كان هو الداعية نفسه.
وهكذا يقيم عليهم الحجة، ويلزمهم بالبرهان، فلا يكادون ينطقون.
٣- وفي عصر خاتم النبيين: تمضي المسيرة المباركة إلى غايتها، غير عابئة بما يواجهها من مؤامرات الحاقدين، ولا مكترثة بافتراءات المفترين، يقودها خاتم النبيين، وترعاها عناية رب العالمين.
وتظل الدعوة في طورها السري ثلاث سنين، وهو طور التربية والتعليم، يخرج بعده الدعاة وقد فقهوا دعوتهم، واستنارت بصيرتهم، وعقدوا العزم على نصرة الحق مهما طالت محنتهم.