للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظهورهما وعراقيبهما، فقال أنس: صدق الله، وكذب الحجاج، قال الله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ قال: وكان أنس إذا مسح قدميه بلهما، إسناد صحيح إليه، وقال ابن جرير: حدثنا علي بن سهل، حدثنا مؤمل، حدثنا حماد، حدثنا عاصم الأحول عن أنس قال:

نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل (١)، وهذا أيضا إسناد صحيح. وقال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا محمد بن قيس الخراساني عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان (٢)، وكذا روى سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو معمر المنقري، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس ﴿وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ قال: هو المسح، ثم قال: وروي عن ابن عمر وعلقمة وأبي جعفر محمد بن علي والحسن في إحدى الروايات، وجابر بن زيد ومجاهد في إحدى الروايات، ونحوه.

وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب قال: رأيت عكرمة يمسح على رجليه، قال: وكان يقوله. وقال ابن جرير: حدثني أبو السائب، حدثنا ابن إدريس عن داود بن أبي هند، عن الشعبي قال: نزل جبريل بالمسح، ثم قال الشعبي: ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلا ويلغي ما كان مسحا. وحدثنا ابن أبي زياد، أخبرنا إسماعيل قلت لعامر:

إن ناسا يقولون: إن جبريل نزل بغسل الرجلين؟ فقال: نزل جبريل بالمسح، فهذه آثار غريبة جدا، وهي محمولة على أن المراد بالمسح هو الغسل الخفيف لما سنذكره من السنة الثابتة في وجوب غسل الرجلين، وإنما جاءت هذه القراءة بالخفض إما على المجاورة وتناسب الكلام كما في قول العرب: جحر ضب خرب، وكقوله تعالى: ﴿عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ﴾ [الإنسان: ٢١] وهذا ذائع شائع في لغة العرب سائغ.

ومنهم من قال: هي محمولة على مسح القدمين إذا كان عليهما الخفان، قاله أبو عبد الله الشافعي . ومنهم من قال، هي دالة على مسح الرجلين، ولكن المراد بذلك الغسل الخفيف كما وردت به السنة، وعلى كل تقدير فالواجب غسل الرجلين فرضا لا بد منه للآية والأحاديث التي سنوردها، ومن أحسن ما يستدل به على أن المسح يطلق على الغسل الخفيف ما رواه الحافظ البيهقي حيث قال: أخبرنا أبو علي الروزبادي، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حمويه العسكري، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا عبد الملك بن ميسرة، سمعت النزال بن سبرة يحدث عن علي بن أبي طالب أنه صلّى الظهر، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتى حضرت صلاة العصر، ثم أتى بكوز من ماء فأخذ منه حفنة واحدة، فمسح بها وجهه ويديه ورأسه ورجليه، ثم قام فشرب فضلته وهو


(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>