للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمبايعة عن قومهم للنبي على السمع والطاعة (١).

قال الإمام أحمد (٢): حدثنا حسن بن موسى، حدثنا حماد بن زيد عن مجالد عن الشعبي، عن مسروق قال: كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله:

ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله فقال «اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل» هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأصل هذا الحديث ثابت في الصحيحين من حديث جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي يقول «لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا» ثم تكلم النبي بكلمة خفيت علي، فسألت أي ماذا قال النبي ؟ قال «كلهم من قريش» وهذا لفظ مسلم (٣). ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحا يقيم الحق ويعدل فيهم، ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم، بل وقد وجد منهم أربعة على نسق وهم الخلفاء الأربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس، ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة، والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره، فذكر أنه يواطئ اسمه اسم النبي واسم أبيه اسم أبيه، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، وليس هذا بالمنتظر الذي تتوهم الرافضة وجوده ثم ظهوره من سرداب سامرا، فإن ذلك ليس له حقيقة ولا وجود بالكلية، بل هو من هوس العقول السخيفة، وتوهم الخيالات الضعيفة، وليس المراد بهؤلاء الخلفاء الاثني عشر الأئمة الاثني عشر الذين يعتقد فيهم الاثنا عشر من الروافض لجهلهم وقلة عقلهم.

وفي التوراة البشارة بإسماعيل ، وأن الله يقيم من صلبه اثني عشر عظيما، وهم هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر المذكورون في حديث ابن مسعود وجابر بن سمرة، وبعض الجهلة ممن أسلم من اليهود إذا اقترن بهم بعض الشيعة يوهمونهم أنهم الأئمة الاثنا عشر، فيتشيع كثير منهم جهلا وسفها لقلة علمهم وعلم من لقنهم ذلك بالسنن الثابتة عن النبي .

وقوله تعالى: ﴿وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ﴾ أي بحفظي وكلاءتي ونصري ﴿لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي﴾ أي صدّقتموهم فيما يجيئونكم به من الوحي، ﴿وَعَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ أي نصرتموهم ووازرتموهم على الحق ﴿وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ وهو الإنفاق في سبيله وابتغاء مرضاته، ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ﴾ أي ذنوبكم أمحوها وأسترها ولا أؤاخذكم بها، ﴿وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾ أي أدفع عنكم المحذور وأحصل لكم المقصود.


(١) انظر سيرة ابن هشام ١/ ٤٤٣ - ٤٤٥.
(٢) مسند أحمد ١/ ٣٩٨.
(٣) صحيح مسلم (إمارة حديث ٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>