للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقيمة، فالله أعلم، ثم إن شيخه العمري ضعيف أيضا. وقال أحمد بن حنبل: الواجب مد من بر أو مدان من غيره، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ قال الشافعي : لو دفع إلى كل واحد من العشرة ما يصدق عليه اسم الكسوة من قميص أو سراويل أو إزار أو عمامة أو مقنعة، أجزأه ذلك، واختلف أصحابه في القلنسوة: هل تجزئ أم لا؟ على وجهين، فمنهم من ذهب إلى الجواز احتجاجا بما رواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج وعمار بن خالد الواسطي: قالا:

حدثنا القاسم بن مالك عن محمد بن الزبير، عن أبيه، قال: سألت عمران بن الحصين عن قوله ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ قال: لو أن وفدا قدموا على أميركم فكساهم قلنسوة، قلنسوة قلتم قد كسوا، ولكن هذا إسناد ضعيف لحال محمد بن الزبير هذا، والله أعلم. وهكذا حكى الشيخ أبو حامد الإسفراييني: في الخف وجهين أيضا، والصحيح عدم الإجزاء وقال مالك وأحمد بن حنبل: لا بد أن يدفع إلى كل واحد منهم من الكسوة ما يصح أن يصلي فيه، إن كان رجلا أو امرأة كل بحسبه، والله أعلم.

وقال العوفي عن ابن عباس: عباءة لكل مسكين أو شملة، وقال مجاهد: أدناه ثوب وأعلاه ما شئت. وقال ليث عن مجاهد: يجزئ في كفارة اليمين كل شيء إلا التبان (١). وقال الحسن وأبو جعفر الباقر وعطاء وطاوس وإبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان وأبو مالك. ثوب ثوب. وعن إبراهيم النخعي أيضا: ثوب جامع كالملحفة والرداء، ولا يرى الدرع والقميص والخمار ونحوه جامعا، وقال الأنصاري عن أشعث عن ابن سيرين والحسن: ثوبان ثوبان.

وقال الثوري عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب: عمامة يلف بها رأسه، وعباءة يلتحف بها. وقال ابن جرير (٢): حدثنا هناد، حدثنا ابن المبارك عن عاصم الأحول، عن ابن سيرين، عن أبي موسى أنه حلف على يمين، فكسا ثوبين من معقدة البحرين. وقال ابن مردويه: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن المعلى، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن مقاتل بن سليمان، عن أبي عثمان، عن أبي عياض، عن عائشة، عن رسول الله في قوله ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ قال «عباءة لكل مسكين»، حديث غريب.

وقوله ﴿أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ أخذ أبو حنيفة بإطلاقها فقال: تجزئ الكافرة كما تجزئ المؤمنة. وقال الشافعي وآخرون: لا بد أن تكون مؤمنة. وأخذ تقييدها بالإيمان من كفارة القتل لاتحاد الموجب وإن اختلف السبب. ومن حديث معاوية بن الحكم السلمي الذي هو في موطأ مالك (٣) ومسند الشافعي وصحيح مسلم أنه ذكر أن عليه عتق رقبة، وجاء معه بجارية


(١) التبّان: سراويل صغيرة، يستر العورة فقط.
(٢) تفسير الطبري ٥/ ٢٦.
(٣) موطأ مالك (عتق حديث ٨). والحديث فيه عن عمر بن الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>