للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة، وقال ابن جريج ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال: إذا جاءت انشقت السماء وانتثرت النجوم، وكورت الشمس، وسيرت الجبال، وكان ما قال الله ﷿، فذلك ثقلها (١)، واختار ابن جرير أن المراد ثقل علم وقتها على أهل السموات والأرض كما قال قتادة، وهو كما قالاه كقوله تعالى: ﴿لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً﴾ ولا ينفي ذلك ثقل مجيئها على أهل السموات والأرض، والله أعلم.

وقال السدي: ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ يقول: خفيت في السموات والأرض، فلا يعلم قيامها حين تقوم ملك مقرب ولا نبي مرسل (٢) ﴿لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً﴾ يبغتهم قيامها تأتيهم على غفلة. وقال قتادة في قوله تعالى: ﴿لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً﴾ قضى الله أنها ﴿لا تَأْتِيكُمْ إِلاّ بَغْتَةً﴾ قال: وذكر لنا أن نبي الله كان يقول «إن الساعة تهيج بالناس، والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقيم سلعته في السوق ويخفض ميزانه ويرفعه» (٣).

وقال البخاري: حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب، أنبأنا أبو الزناد عن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله قال «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه.

ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها» (٤).

وقال مسلم في صحيحه، حدثني زهير بن حرب، حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به، قال: تقوم الساعة والرجل يحلب لقحته، فما يصل الإناء إلى فيه حتى تقوم الساعة والرجلان يتبايعان الثوب فما يتبايعانه حتى تقوم الساعة، والرجل يلوط حوضه فما يصدر حتى تقوم (٥).

وقوله ﴿يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ اختلف المفسرون في معناه، فقيل معناه كما قال العوفي عن ابن عباس ﴿يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ يقول: كأن بينك وبينهم مودة كأنك صديق لهم، قال ابن عباس: لما سأل الناس النبي عن الساعة سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمدا حفي بهم، فأوحى الله إليه إنما علمها عنده استأثر به، فلم يطلع الله عليها ملكا مقربا


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٣٨.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ١٣٧.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ١٣٨.
(٤) أخرجه البخاري في الرقاق باب ٤٠.
(٥) أخرجه مسلم في الفتن حديث ١١٦، ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>